ly

Translate

الصحابي هبار

هبَّارُ
ابن الأسود
__________________
أبوه :
الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ابن قصى القرشى
أمه :
فاختة بنت عامر بن قرط القشيرية
أخواه لأمه : هبيرة وحزن ابنا أبى وهب المخزوميان وحزن هذا هو جد سعيد بن المسيب بن حزن
ــــ
موقعة أجنادين :
فى سنة ثلاث عشرة .. هجرية وفى ليلتين بقيتا من جمادى الأول
قتل يومئذ من المسلمين جماعة منهم صاحب هذه الصفحات هبَّارُ بن الأسود






موقعة أجنادين :
أجنادين بلد بين الرملة وبيت جبرين من أرض فلسطين انتهت عندها جيوش المسلمين بقيادات خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل ابن حسنة ويزيد بن أبى سفيان مدداً لعمروا بن العاص الذى كان مقيما " بالعربات" من غور فلسطين
وسار إليهم عمرو بن العاص والتقوا جميعاً فى اجنادين .
ولما سمعت الروم بهم انطلقوا من " جِلَّق " لملاقاة المسلمين فى أجنادين .
وقيل أنه كان على الروم رجل منهم يقال له " القُبقُلار " وإنصراف إليه " تذارق " بمن معه من الروم مدداً للقبقلار المهم أنه تواجه المعسكران فى " إجنادين " معسكر الروم .. وعليه " القبقلار " ، " تذارق " ومعسكر المسلمين بالقيادات المشار إليها فيما سبق
المخابــــرات ..
لما تدان المعسكران بعث " القُبقُلار " بهدف التخابر رجلاً عربياً يقال إنه من قضاعة ويقال أن اسمه " هزارق "
ليدخل بين المسلمين ويقيم فيهم يوماً وليلة فدخل فى الناس يصفته رجلاً عربياً لا يُشَكُ فيه فأقام يوماً وليلة ثم أتى " القبقلار " فقال له :
:- ما ورائك ؟
قال هزارف : - هم بالليل رهبان .. وبالنهار فرسان ..
ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده.
ولو زنى ابن ملكهم .. رجم لإقامة الحق فيهم ..
قال القبقلار :-
لئن كنت صدقتنى ..
لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها ..
ولوددت أن حَظِى من الله ..  أن يخلى بينى وبينهم ..
فلا  ينصرنى عليهم .. ولا ينصرهم علىَّ
ثم تزاحف الناس فاقتتلوا .. فلما رأى القبقلار ما رأى من قتال المسلمين ..
وشدة استبسالهم عند لقاء الأعداء
قال للروم :
- لفوا رأسى بثوب ..
قالوا له : لما ؟
قال : إنه يوم بئيس لا أحب أن أراه .. ما رأيت فى الدنيا .. يوماً أشد من هذا
:- وقطع المسلمون رأسه ، وإنه لملفَّف !
ـــــــــ
أردنا التعريف بهذه المعركة .. لأنها هى التى شارك فيها هبَّارُ ..
وقتل فيها .. وما نظن أنه ذهب إلى هناك .. رغبة فى الرحيل .. أو التغيير .. أو التبجيل أو لمجرد اسنشاق الهواء العليل ..
إنها رحلة شاقة ومخاطرة جسيمة
إنها رحلة ليس التنزه أو الترفه أحد بنودها .. لابد أن فكره .. وقلبه .. وروحه وكل كيانه كان مسرحاً لمختلف الخواطر والمشاعر .. والأحاسيس
ترى .. ماذا دار بذهنه .. وهو ذاهب إلى أرض المعركة هناك ..؟
كان هبَّارُ لَسِناً .. بليغاً .. فصيحاً
لكنه لم يكن ذاهباً .. لمعركة كلامية .. أو شعرية فى سوق عكاظ..
بل كان مقدماً على معركة دموية ..ووراءه لاشك ماضٍ ينغص عليه حياته
خاصة بعدما تذوق حلاوة الإسلام .. وارتشف من مبادئه ..وتمكن الإسلام من قلبه
طوال السنوات الماضية
ولماذا لا يحدث الإسلام فى قلبه ما فجره فى قلوب غيره من المؤمنين ..؟
لماذا لا يكون طلب الشهادة هدفاً يسعى إليه ؟
فليذهب هناك بعيداً فى أرض الجهاد .. يسأل الله .. ويلح فى الطلب ليغفر الله له ما سلف .. ويمسح بيده الحانية .. ذنوبه الماضية فيرافق الشهداء .. ويلقى موعود الله
" ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون .."
ترى .. هل سالت دموع قلبه على خديه فأحرقتهما حزناً وأسى .. خوفاً .. وإشفاقاً
وعادت به الذكريات إلى أكثر من عشر سنوات ماضية ..
لماذا فعل ما فعل ؟!
ولكن ما أحلم هذا النبى الكريم . !! وما أكرم الله الذى سواه ..
كم تحمل منه .. ومن أمثاله من المشركين لو عاملهم بالمثل .. ما أبقى على أحد منهم يوم الفتح ..
وتتابعت أمام عينيه الصور .. كما لو كانت واقعاً يعيشه ..
" وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه .. ونخرج له يوم القيامة كتاباً
يلقاه منشوراً .. إقرأ كتابك .. كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً "
ولعله وضع كفيه على عينيه حتى لا يرى شيئاً ..
ولكن يبدوا . أن الإنسان فى لحظاته الأخيرة خاصة .. حين يقترب من الموت أو يقترب منه الموت يرى أمامه كل شئ ..
لقد أهدر الرسول دمه ..
ـــــــــ
قال الزبير بن العوام :
" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  ذكر هبَّارُ - يعنى ابن الأسود - قط إلا تغيظ عليه ..
ولا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  ..
بعث سرية قط إلا قال :
" إن رأيتم هبَّارُ هذا فأحرقوه بالنار !!"
ثم قال :
لا تحرقوه .. ولكن اقتلوه .. فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار !

أو قال :
اقطعوا يديه ورجليه .. ثم اضربوا عنقه .
وقال الزبير بن العوام :
" والله لقد كنت أطلبه وأسأل عنه .. والله يعلم لو ظفرت به .. لقتلته .. !
ـــــــــ
وتوالت الصور أمام هبَّارُ ..
لماذا يا أبى سميتنى هبَّارُ ..؟!
أليكون لى من اسمى نصيب ؟ ...
ولكنك يا أبى .. فعلت بى .. ما فعله بك أبوك
ألم يسمك أبوك .. الأسود ؟
وهل يعرف من يُسَمَّى بالأسود أن يأتى باسم أفضل من هبَّارُ ..؟
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان يخلع عن أصحابه مثل هذه الأسماء
ويلبسهم أسماء جديدة يرضاها لهم ولكن ..أين كنت أنا من  رسول الله ..
كنت مع الحاقدين .. الناقمين عليه .. وعلى مبادئه ..
ولكن ما أكرمه .. إنى لأذكر يوم طلعت عليه .. فلما نظر القوم إلىَّ
صاحوا : يا رسول الله ..
هبَّارُ ابن الأسود ! .. هبَّارُ ابن الأسود !.. هبَّارُ ابن الأسود ! ..
قال الرسول : فى هدوء .. وسكينة .. ووقار .. وصبر
" قد رأيته " كلمة واحدة تضخ كثيراً من المعانى
أراد بعض القوم القيام إلىَّ .. تقدمهم الزبير بن العوام ..
أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم  باقتضاب آمر
" أن أجلس "
فوقفت أمام رسول الله وقلت :
السلام عليك يا رسول الله !
إنى اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله
ولقد هربت منك فى البلاد ..  فأردت اللحوق بالأعاجم ..
ثم ذكرت عائذتك وفضلك .. وبِرَّكَ .. وصفحك عمن جهل عليك
وكنا يا رسول الله أهل شرك .. فهدانا الله بك .. وأنقذنا بك من الهلكة ..
فأفصح عن جهلى .. وعما كان يبلغك منى
فإنى مقر بسوءتى...  معترف بذنبى
كم كنت موضِعاً ومسفاًّ فى آذاك .. وكنت مخذولاً ..
وقد بصرنى الله وهدانى للإسلام .
قال الزبير :-
فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  ..
وإنه ليطأطئ رأسه .. مما يعتذر هبَّارُ !! وجعل رسول الله يقول :
" قد عفوت عنك .. والإسلام يجب ما كان قبله "
يا إلهى : أى تطبيق عملى لقوله تعالى :
" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "
إن الكريم إذا قدر غفر .. وإذا رأى زلة ستر ..
لا أحد يقدر على ذلك .. غير رسول الله .. ومن اهتدى بهديه .
لو أن هبَّارُ هذا .. روع أى امرأة أخرى .. وأسقطها
وأسقط جنينها  فى الطريق العام بلا جريرة سوى أنها مهاجرة إلى أبيها ..
تاركة كل شئ وراءها ..
للَحقه العار .. وركبه القصاص ..
الإسلام يحظر على المسلمة أن يتعرض بالأذى للنساء أو الشيوخ أو الأطفال ..
هذه هى الفروسية والشهامة الحقة ..
مواقف كثيرة مرت .. لعل هبَّارُ تذكرها
ولماذا لا أتذكر أنا أيضاً بعضها مع هبَّارُ ..؟
كان الرسول فى أشد حالات الضيق وهو عائد من ثقيف توجه إلى الله تعال بقوله :
" اللهم إليك أشكو ضعف قوتى .. وقلة حيلتى .. وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين .. "
أتى إليه جبرائيل فقال :
- إن الله قد سمع الذى قلته وسمع ما ردوا به عليك وهذا أخى ملك الجبال ..
إن شئت أن يطبق عليهم الأخشبين فعل ..
فقلت له :
" لا .. يا أخى جبريل .. فإنى أرجو أن يُخْرِجَ الله من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئاً ."
حقاً يا سيدى يا رسول الله .. لا أحد يقدر على ذلك غيرك
ـــــــــ
وتزاحف الناس .. فاقتتلوا فى أجنادين
وطعن هبَّارُ بن الأسود طعنة .. ذكرته بطعنات !!
وحمله الرفاق .. والدموع تملأ عينيه ..
ترى هل كانت دموع الذكرى الأليمة التى عاودته لعله رأى .. أشد ذنب ارتكبه فى حياته حين تجهزت زينب بنت الرسول للهجرة إلى أبيها فى المدينة ..
وحملت على بعير .. فى هودج ورآها تسير مطمئنة فى الطريق إلى أبيها
وكان هو أول من سبف إليها .. روعها بالرمح وهى فى الهودج ..
لم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى سقطت على الأرض وألقت ما فى بطنها ..
.. إنه الآن يعانى آلام طعنة نفذت إليه
لكن شتان بين طعنة وطعنة ..
إنى استحق هذا الجزاء .. بل أستحق ما هو أشد
أيصفح عنى الرسول رغم ما فعلته بابنته .. ؟
أيعفو عن كل هذه الخسة ؟ ..
ماذا فعلت حتى أروعها .. ؟
لاشهامة .. ولا رجولة .. ولا .. أى شئ يمكن أن يبرر هذه الفعلة !
إنها ظلت تعانى .. وتذبل شيئاً  فشيئاً حتى ماتت بسبب فعلتى .
ليت قتلى هنا .. فى هذا الموقف .. يكفى قصاصاً
وتساقطت دموعه حبات تسبيح .. وتوبة .. واستغفار
وجعل يتقلب على أرض الغربة .. وأرض الجهاد ..
يتقلب بين الخوف من الله تعالى .. والرجاء فيه
وأشرقت أسارير .. وهو يقول :
إن الرسول لا يقول إلا حقاً .. لقد عفى عنى .. وصفح ..
قال له : إن الإسلام يجب ما كان قبله
.. إنى لأتذكر حين زوجت ابنتى ..
كنت أضرب فى عرسها بالدف وأرقص .
وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال :
- ماهذا ؟
قالوا : إن هبَّارُ .. يرقص ويغنى ويضرب الدف
فرحا بزواج ابنته
وعاد يبكى ويقول .. هل كنت أصفح عمن يفعل بابنتى ..
وما فعلته ببنت رسول الله !!
ولكن رسول الله .. عفى .. وصفح .. وقال باسماً .. :
هذا هو الفارق بين النكاح وبين السفاح
السفاح يجلب العار والمذلة .. يتم فى الخفاء
أما الزواج .. فيدخل البهجة والفرحة .. على جميع القلوب .. يتم فى علانية ..
لا مذلَّة فيها .. ولا هوان ..
.. قتل هبَّارُ .. طعن .. لفظ آخر أنفاسه
ولا أحد غير الله تعالى .. يعلم هل كانت الدموع ما تزال تطل من عينيه ..
دموع حزن على ما كان .. أم دموع فرح على ما سيكون .. أم أن الحزن والفرح .. تلاقيا معاً .. وامتزجا معاً .. وتساقطا من قلب واحد على خدين اثنين ..
ساعة انطلاق الروح إلى رب العالمين !!
ـــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخر الزوار

Flag Counter