ly

Translate

امراة من جهينة

امرأة
من جهينة


أصرت على التطهير
قال الرسول :
" لاتلعنوها .. إنها تابت توبة ..
لو وزعت على ...سبعين منكم ... لوسعتهم ! "










امرأة من جهينة
---
... لكنه حدث !
كيف ... ؟ ولم … ؟
إنها لاتعلم .. أو لا تريد أن تعلم ..
التقطت ما تبعثر من ثيابها .. لكنها لم تستطع أن تلملم
ما تبعثر من نفسها ... ومضت الشهور ...
وعاد الزوج من أحدى الغزوات ... وعاد معه ..
ذلك الشبح الذى لايراه أحد سواها
إنه يذكرها بتلك الليلة الليلاء التى سقطت فيها .. فريسة ضعفها ..
فريسة وحدتها ..  فريسة الشيطان ..
أم أنها سقطت ضحية كل ذلك .. وأصغت إلى حوار داخلى هامس
بين جدران صدرها  ... أيذهب الزوج بعيداً ..
شجاعاً .. مقاتلاً .. يناضل من يحاربون الله ورسوله..
ويستقبل الموت .. فى كل لحظة .. بالليل .. أو النهار
الزوج .. وآخرين معه .. بينما تستقبل هى .. ذلك الثعبان البشرى
وتمنحه من نفسها .. ما لا يحق .. ولا يليق ..إلا لزوجها
وهل كل امرأة .. غاب عنها زوجها بضعة شهور ..
فعلت من وراء زوجها ..
ما فعلته هى ؟!
وأيقظها صوت زوجها :
- مابالك ساهمة واجمة .. ؟
أشكو الغربة الطويلة التى أعيش فيها
لماذا لم تذهبى معنا .. نحن المسلمين فى غزواتنا ؟
الرسول لم يفرض علينا الجهاد .. فرض الجهاد على الرجال فقط ..
دون النساء .. غيرك من النساء ذهبن .. ولم يمنعن
ولكن الأمر متروك لكُنَّ .. وهذا من رحمة الله بالنساء
قالت : ولكن الفقير الذى لايجد ما يحمل عليه من دابة
أو ... يضطر للبقاء حيث هو ...
الزوج : ألم تسمعى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم  :
إن حسن تَبّعُلِ المرأة لزوجها .. يعدل الجهاد ..
وكل ما هو فى مقدور الرجال .. وتضعف عن الأتيان به النساء
المرأة : تردد فى حزن .. حسن تَبّعُلِ المرأة لزوجها
واغرورقت عيناها بالدموع ..
الرجل : لعل الله تعالى يرزقنا من فضله فى الغزوة القادمة ..
ولعلنا بعون الله نكون قادرين .. على تملك ما نحتاج إليه ..
من راحلة .. وكساء .. وطعام ..
لاتحزنى ..
فرج الله قريب
ــــــــــــــ
وعاد الزوج مرة أخرى غازياً ...
ولكنه لم يرجع ثانية إلى زوجته !
لعله مات شهيداً ..
ـــــــــــــ
الجنين يتحرك :
وبدأ الجنين يتحرك فى أعماق المرأة .. وأحست به ..
وكأنه يركلها بقدميه الصغرتين ..
وطاف بذهنها حوار يأخذها ذات اليمين ويقذفها ذات الشمال
- هل أتخلص من هذا الجنين .. ؟
ورأت أمام عينيها شبحاً كئيب المنظر يقترب منها حتى يقف أمامها وجها لوجه جسمته لها مشاعرها المضطربة ..
- ولماذا تبقين على هذا الجنين .. ؟
- تخلصى منه .. اقتليه قبل أن يفتضح أمرك ..
- لا .. كيف أفعل ذلك ..
- أيدفع هذا الطفل البرئ ثمن خطيئتى أنا .. ؟
- إن الاسلام حرم وأد البنات ...
- فهل أعيد أنا العمل بما كان فى الجاهلية ... وما حرمه الإسلام ..؟
الاسلام حرم الخيانة ...
- فلماذا خنت ؟
وضعت يدها على وجهها وأخذت تبكى ..ثم رفعت رأسها وقالت :
- إذن لا يوجد أمامى إلا طريق واحد ..
- ما هو .. أيتها المرأة المسكينة .. ؟
- المرأة : أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأصارحه بمافعلت… وأطلب منه تطهيرى ..
- يالك من امرأة مخبولة ...
- تفضحين نفسك أمام العالم ؟
- باكية : فضيحة الدنيا .. خير من فضحية الآخرة وعذابها
- الله غفور رحيم ..
- باكية : .. نعم .. ولكن بعد أن يستوفى كل ذى حق حقه ..
- الله سبحانه قرر القصاص تطهيراً للمذنبين
- أنت امرأة خرقاء
- وأنت شيطان رجيم ..
- أحس كأنك هو .. أنت ... أنت الذى كنت تزين لى مافعلت ...
وتدفعنى إليه .. وتقوم بكل وسائل الاغراء ..والاغواء حتى أنسيتنى كل شئ.. فى تلك اللحظة المشئومة ...
- واقترفت ما اقترفت وبعدها .. تسحبت كأنك لم تهمس لى بشئ وكأنك لم تحرضنى على شئ ...
- أنا لاشأن لى بك ..
- انتم يابنى آدم .. تريدون أن تحملونى كل أوزاركم ...
- تعصون الله .. وتتسترون بى
- كلا .. أذهب عنى ... إنى سأحمل وزرى على كاهلى ...وأذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضى له بسرى ..
- لا تفعلى .. لا تفعلى ..
- قلت إنى لن أتراجع عن عزمى فى اضطراب شديد سأذهب إلى .. ولن يستطيع ااحد أن يقف فى طريقى .. ووضعت رأسها بين يديها .. واهتز جسدها كله ..
لقاؤها برسول الله :
توجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ووقفت بين يديه ..
مطرقة.. باكية...
- الرسول : ألك حاجة ؟
- المرأة : نعم يارسول الله
    : ما هى ..
    : إنى امرأة محصنة .. وزوجى غاز وإنى أصبت الفاحشة ..
فطهرنى يا رسول الله
- الرسول : لعلك قبلت يا امرأة ..
        أو .. أو ..
- المرأة  : كلا يارسول الله ..
    إنى أصبت الفاحشة التى يقام عليها الحد ..
وإنى حامل .. فطهرنى ..
- الرسول : اذهبى الآن .. حتى تضعى حملك ..
وتابعها الرسول بعينين مشفقتين
- ومضت المرأة عائدة إلى بيتها ..
- وبقيت منطوية على احزانها .. وأفكارها المتداعية ..
- وهواجس نفسها حتى ولدت طفلها البائس ..
- وفى يوم اجمعت أمرها .. ولفت الطفل ..
وحملته وتوجهت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وفى الطريق .. كانت تقول لنفسها وكأنها تخاطب الطفل الوليد :
   الحمد لله .. اليوم إن شاء الله تنتهى أحزانى
وألقى ربى .. عسى أن يرحم ذلى .. وحزنى ويغفر لى ضعفى ..
- يابنى .. أنت الآن لاتعرف من أنا ..
ولاتدرى إلى أين أنا ذاهبة بك ..
أنت فى سن لاتعرف إلا أنى امرأة أحملك بين ذراعى ..
لا .. لن ألقى به فى الطريق .. بعيداً عن الأنظار وأعود من حيث أتيت ..
لقد عاهدت الرسول كسائر النساء المسلمات على ألا أسرق ..
وقد وفيت بها ..
أما الثانية .. فلم أصدق فيها .. وها أنذا
أحمل ثمرتها بين يدى .. أقدمها لرسول الله
دليلاً على فعلتى ..
لماذا لايعاقب شريكك فى هذه المصيبة بنفس العقوبة التى ستوقع عليك ..؟
إنه لم يعترف .. واعترافى لا يلزمه بشئ ..
- وسواء اعترف أو لم يعترف .. فهذا لايبرر خطيئتى ..
  هذا أمر يخصه هو.. وعلى أن أفعل ما يخصنى أنا
- إنك سترجمين : أتعرفين ماذا يعنى الرجم ..؟
 إنك ستقذفين بالحجارة .. سيحفرون لك حفرة تقفين فيها ..
ثم تقذفين بالحجارة حتى الموت
- إنى اعترف أنى المسئولة عن هذا المصير ولا أحد سواى
- والرجل الآخر.. ؟
- كل انسان مسئول عن نفسه ..
إن إلقاء التبعات على الآخرين .. لايطهر المذنبين ..
وماذا يطهرهم .. ؟
- القصاص ..
- يمكنك أن تحتفظى بسرك .. ولاتفضحى نفسك .. ولاعائلتك ..
  وأن تتركى الأمر لله .. والله أرحم بعباده من الأم بوليدها
- هذا حق ..
- ولكن الله لايعاقب على الذنب مرتين ..
فمن أصاب شيئاً من الذنوب فى الدنيا ..
- وتحمَّل القصاص عنها فى الدنيا ..
 عفى الله عنه يوم القيامة .. وهذا أوثق لى وأضمن
- إن الرجال هم السبب الحقيقى لما يصيبكن من نكبات ..
  إن صاحبك ألقى بذرته ومضى .. لا يهمه الثمرة التى أورقت من بعد
 بل قد يتخذك مادة للسمر والتحدث عما كان منه معك ذات ليلة ..
- نعم قد يحدث هذا ..
  ولذا ما أعظم الأمانة التى تحملها النساء
  إننا أوعية للخير والشر معاً .. وما نفعله ملتصق بنا ..
   لانستطيع منه فكاكاً ..
- إنه يظهر متكوراً فى بطوننا بعد أربعة أشهر ..
     لا يخفى على أعين الناظرين ..
- لهذا ..
   لاتتركى شريكك وقسيمك فى هذا العمل .. ينجو
ماذا أفعل ..؟
- إن كنت أجبن من أن تقتليه انتقاما لشرفك ..
   دسى له شيئاً فى لحظة من لحظات السعادة المفتعلة ..
   واتركيه يموت بعيداً عنك
- لا تكف عن نفث أفكارك الشريرة
  لا أكاد أقدر على تحمل وزر جريمة واحدة ..
  فكيف أحتمل وزر جريمتين .. ؟
  ومن يدرى .. إلى كم جريمة تسحب من يطيعك ..؟
  وإلى أية نهاية تقوده .. ؟
- وصرخ الغلام :
  ترى .. هل أحس بزحمة هذه المشاعر وقسوتها ..؟
  نظرت إليه .. وربتت على ظهره حانية ..
  وأعطته كسرة خبز.
  أخذها شاكراً ملهوفاً ..
  وانفجرت بسمته الحلوة عن ضحكة حبيبة
   تتجاوب أصداؤها فى صدره النقى ..
- يا إلهى .. كيف أحتمل كل هذا ..
   كم كنت أود أن يكون لى مثل هذا الغلام ..
  ولكن بغير الطريقة التى جاء بها ..  !
   كيف نسيت نفسى ؟
   كيف لم أعمل حسابا لكل هذا الذى أعانيه ؟
  ويعتصر قلبى اعتصارا ..
من اجل ماذا ؟
  من أجل لحظة قصيرة أيا كان مذاقها ..
  فقد غربت ليعقبها ليل طويل .. طويل .. لا آخر له ..
- ياإلهى ..
  لم يكن هناك غلام أبغض إلى من هذا الغلام ..
  كان يذكرنى بأبغض شئ فعلته .. فما الذى حدث ؟
  ما الذى جعل أبغض الأشياء إلىّ أحبها إلىَّ ؟ 
  كم مرة هممت به ..؟
  لكنه كان كقطة عمياء .. لاتملك إلا فمها ..
   تبحث به عن صدر أمها
   أشفقت عليه .. حينما كان يتحسس صدرى بفمه
   يبحث عن جرعة لبن .. أو رشفة حُبٍ وحنان وعطف
  لا توجد امرأة فى الدنيا كلها .. تستطيع أن تحرم طفلاً رضيعاً من ثديها
  فهل كان يمكن لى أن أكون أسوأ امرأة فى الوجود ؟
   يا إلهى .. لقد ألفته .. وتعودت على مداعباته
  ألفت بسمته البريئة التى يستقبلنى بها كلما رآنى ..
  ألفت نظراته المشمسة ..
  كلما أشرقت على قلبى .. فى الصباح .. أو المساء ..
   إنه يتعلق بصدرى .. يضمنى إليه كلما ألم به فزع ..
   ومهما حدث .. فإنى أمه .. كأى ام ..
    إن الله تعالى ألقى بصيصاً من رحمته فى قلوب جميع الأمهات
    .. لجميع المخلوقات
    فهل يمكن ان أكون أقل رحمة من حدأة .. أو بومة مشئومة ؟
    آه .. يا بنى الحبيب ..
   هاأنذا ذاهبة إلى الموت ..
   وأنت برئ تضحك لى .. ولاتعرف ما بى ولاتدرى أى مصير ينتظرك..
  لا تعجب .. فأنا أيضاً لا أدرى مصيرى .. كما لا أدرى مصيرك
  لكنى أحبك .. وأرجو أن تجد لك أماً أرحم منى وأطهر ..
  تحتضنك بعدى......   ولعلها تضيق بك ..
  فتسبك .. وتسبنى .. وإنى لأستحق ..
   أما أنت فما ذنبك .. إن ذنبك متعلق برقبتى
   يا إلهى .. يا إلهى ..
   خفف عنى ما يفتت قلبى
ــــــ
ظلت المرأة شاردة فى هذه الأفكار التى تجرجرها وتقلبها على شظايا رمال الصحراء المحرقة ..
حتى وجدت نفسها أخيراً ..أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم 
قالت المرأة :
وصل القارب إلى الشاطئ .. وهاهو الغلام يارسول الله ..
بيده كسرة خبز .. وهاهو قادر بنفسه على التهامها
طهرنى .. يارسول الله
طهرنى .. طهرنى .. وأدع لى .. جزاك الله عنى خيراً
ـــــــ
حُفِرت لها حفرة الرجم .. وأُنزِلت إليها
وأُحكِمت ثيابها عليها حتى لا تتكشف أثناء الرجم ..
ونظر لها الرسول نظرة تسيل رحمة واشفاقاً..
إنها تابت توبة .. لو وزعت على سبعين منكم .. لوسعتهم
إن هذه المرأة .. صادقة التوبة .. صادقة الإيمان
إنها اعترفت على نفسها ..
وأقرت رغم أن إثبات فعلتها بالشهود الأربعة ..
والرؤية المحققة .. كرؤية المرود فى المكحلة ..
يكاد يكون مستحيلاً .. أو على الأقل متعذراً ..
لكنها مادامت قد اعترفت ..
فلا مناص من تنفيذ أمر الله تعالى ..
" ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب "
وهذه المرأة .. من أولى الألباب
لأنها لم ترض إلا بالقصاص
ـــــــ
انتزع الطفل الذى كان يتشبث بها ..
كأنه كان لايريد أن يفارقها .. حتى فى هذه اللحظات الرهيبة
وانهالت الأحجار عليها من حولها وهى تصرخ بشهادة الايمان والتوحيد
وتسأل الرسول الدعاء .. وتسأل الله المغفرة  ..
وتناثرت بعض الدماء على أحدا المحيطين بها
فقال لها : لعنة الله عليك ..
قال الرسول : لا تلعنوها .. فقد تابت توبة لو وزعت على سبعين منكم .. لو سعتهم !!
من التطهير  .. إلى التكفير
لم أتمالك نفسى .. بكيت إشفاقاً ورحمة بهذه المرأة التى أصرت على تطهير نفسها على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم  ..
لم تقتل نفسها ..
لم تنتحر حزناً وغماً على ما فعلت ولم نسمع أن أحداً من المسلمين
أو المسلمات .. شيباً .. أو شباباً
قد انتحر لوفاة سيد الخلق .. وخاتم الأنبياء والمرسلين
لأن الانتحار .. ليس عملاً اسلامياً مباحاً ..
إن المنتحر يعذب يوم القيامة بالأداة التى انتحر بها
ولكنا نسمع ونقرأ عن فتيات بادرن بقتل أنفسهن وراء من يعشقن ..
لجمال الوجه أو جمال الصوت كعندليب أخضر
أو أحمر أو أسمر ..
ولعلهن بادرن بالانتحار ليلحقن به ..
وليواصلن الاستماع .. إلى بلبلته .. فى العالم الآخر
مع أن أحداً .. لم يطلب من أحد .. الانتحار
…………





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخر الزوار

Flag Counter