التنبوء بالمستقبل السياسي مسألة غير مأمونة, فالذين يصنعون الأحداث بشر, يأخذون قرارات ويحشدون خلفها حكومات وأحزاب وجماعات بل وأمم بأكملها.
ومهما كانت قدرة المراقب علي فهم تفكير صناع الأحداث هؤلاء فإنهم يتمكنون دوما_ خاصة في العالم العربي- من مفاجئتنا بأفعال غير متوقعة, وأحيانا غير مفهومة. ومن ثم فإن رؤيتي لمستقبل العالم العربي خلال العشر سنوات القادمة تستند إلي تحليل التيارات الرئيسية التي تجتاح العالم العربي اليوم والتي ترجح كفة تطورات معينة أكثر من أخري. لكني أقر أنه من الممكن أن يفاجئنا صناع الأحداث بقرارات تدفع الأمور عكس ما يبدو الآن أنه مسارها المتوقع, وعساهم يفعلون.
فالعالم العربي اليوم تجتاحه ثلاثة تيارات يغذي بعضها بعضا وتشكل قوة ضاغطة لا يبدو أن هناك من يمكنه وقفها في المستقبل المنظور. التيار الأول هو الرغبة العارمة لدي الشعوب العربية في تعديل نظمها السياسية بحيث تمثل مصالحها أكثر وتعكس هويتها بصورة أقرب. والثاني هو نجاح خطاب' الإسلام السياسي' في فرض هيمنته وتهميش منافسيه في الشارع السياسي. أما التيار الثالث فهو الصعود المستمر لثقافة شعبية تعادي العقلانية وتستخف بالتفكير العلمي النقدي. هذه التيارات, مجتمعة, تمكن بعض صناع الأحداث من فرض رؤاهم واختياراتهم في حين تضعف هذه القدرة لدي آخرين. ومالم تحدث معجزة ما تعكس اتجاه هذه التيارات, فإنها ستساعد علي تمكين هؤلاء الذين يسعون لإعادة صياغة الدولة والمجتمع في العالم العربي علي أساس رؤية للهوية العربية تتسم بالانغلاق والتصادم مع الغير.
أول المستفيدين من هذه التيارات الثلاثة هم أنصار' أسلمة' الدولة, وهي العملية التي بدأت بالفعل في العديد من الدل العربية سواء بشكل رسمي أو فعلي. ويعتمد المدي الذي ستذهب إليه هذه العملية علي ظروف كل دولة, ففي حين يمكن أن تنجح بعض النظم القائمة في البقاء من خلال ارتداء مسوح الإسلام بشكل أكبر مما تفعله الآن, فإن البعض الآخر قد يتعرض لعملية تغيير حقيقية بما في ذلك استبدال نخبه الحاكمة بأخري من وسط صفوف الحركات الإسلامية الكبري. أما قيام نظم مشابهة لنظام الطالبان فأمر مستبعد حدوثه في البلدان العربية الرئيسية, وإن كان واردا في بعض الجيوب والمناطق الهامشية.
ومن المنتظر أن تقدم النظم المتأسلمة علي توسيع هامش الحريات السياسية وتشجيع المشاركة الجماهيرية وفاء لوعودها لأنصارها وأيضا بهدف بناء قاعدة من الشرعية تستند إليها في مواجهة التحديات الآتية من الخارج ومن بقايا النظم القديمة. إلا أنها ستفرض ولا شك حدودا صارمة تشكل إطارا لهذه الحريات وستعاقب بشدة من تسول له نفسه تجاوزه. وسيعتمد هامش الحريات المتاح داخل هذا الإطار علي الصراع الدائر داخل هذه الجماعات بين أنصار الاستبداد باسم الدين ومن يتبنون تفسيرات للنص الديني أكثر سماحا بالحريات. بمعني آخر, فإن الصراع الدائر حاليا في المجتمعات العربية حول هامش الحريات سوف يستمر, ولكن في إطار تحدده الدولة المتأسلمة ونخبتها الجديدة.
المستفيد الآخر من التيارات التي تجتاح العالم العربي اليوم هم قادة الرأي العام الشعبويون( وأعني بذلك هؤلاء الذين ينقادون لأهواء الجماهير ويتمكنون في الوقت نفسه من التلاعب بهذه الأهواء وقيادتها). فأمام الظلم التاريخي الفادح الذي أصاب الشعوب العربية, وتحت وطأة إحساسنا القاسي باستحالة رفع هذا الظلم عن أنفسنا, وعدم منطقية استمرار هذا الظلم منذ عشرات السنين رغم كل محاولاتنا دفعه, تخلي الكثير منا عن التفسيرات العقلانية للأشياء ووجدوا تفسيرات أخري تريحهم, ابتداء من تفسير تدهور الحال بمؤامرات كبري أو بخيانات صغري, مرورا بالإدعاء أننا أفضل الأمم مهما تدهور حالنا, وانتهاء بالتفسيرات الغيبية وانتظارات آخر الزمان.
وستكون أولي ضحايا هذا التيار الفكري القوي هي العلوم الانسانية والاجتماعية, بما سيقلل أكثر من قدرة مجتمعاتنا العربية علي مراقبة مسارها وتصحيح أخطائها بنفسها وكسر حلقة التخلف التي تحيط بها. فبدلا من البحث في مسئوليتنا وأخطائنا وكيف نغير ما بأنفسنا, نجد عزائنا في لوم الآخرين عما حدث لنا, وتغنينا الشكوي من سوء الحال عن عناء البحث عن حلول عملية تحسن أوضاعنا, وبدلا من مشقة السعي والمبادأة نجد الراحة في الانتظار لعل الأمور تتغير من تلقاء نفسها.
كما سيعاني الانتاج الثقافي والفني, ربما باستثناء الأدب الذي يمكنه الافلات بشكل أسهل من سيطرة هذه الحالة الفكرية. وفي المحصلة فإن قيم الحداثة الأساسية- كحرية الفرد في التفكير والاعتقاد والتعبير, والمساواة بين الجميع بغض النظر عن جنسهم أو عقيدتهم أو أصلهم الاجتماعي, وسيادة منطق العقل- سيتم تصويرها باعتبارها قيما غريبة عن تراثنا تخص بالأساس' الثقافة الغربية', وبالتالي يتم إضعافها أكثر.
سيادة هذا التيار الفكري ستضر أيضا بدراسة علوم الطبيعة. ورغم سعي النظم الجديدة لإنقاذ ما يمكنها إنقاذه من قدرات البحث العلمي في البلدان العربية, إلا أن إضعاف المنهج العقلاني والعلمي في المجتمع بصورة عامة وضعف العلاقة بين الابتكار العلمي والنشاط الاقتصادي( الذي يشكل المحرك الطبيعي للبحث والتطوير العلمي في مجتمعات تعتمد علي آليات السوق) سيجعل أي إنجاز علمي عربي محض حالة استثنائية.
العالم كله ضدنا
ما ستكسبه النظم العربية الجديدة من شرعية داخلية ستخسره في الأرجح في مغامرات خارجية فاشلة. فزيادة درجة المشاركة السياسية في صنع القرار تعني, ضمن أشياء أخري, احترام الحكومات لرغبات الرأي العام_ وأهواءه_ بشكل أكبر في قراراتها المتعلقة بالسياسة الخارجية. ونظرا إلي أن الهوية الوطنية يتم إعادة تعريفها من قبل القادة الشعبويون وجماهيرهم الغاضبة بشكل انعزالي وتصادمي, فإن الرأي العام مرشح لأن يكون مزاجه أكثر تصادمية مما هو عليه الآن. هذا الأمر سيغري( أو يضطر) الحكومات للدخول في مواجهات مع العالم الخارجي لا يمكن الانتصار فيها. وليس هذا بجديد. تاريخيا, عالجت النظم العربية هذه المشكلة بأن تنسب الفشل إلي مؤامرات خارجية, بما يزيد في الواقع من غضب واحتقان الرأي العام وبالتالي يزيد من ضغطها علي الحكومات كي تبدي حزما أكبر في التعامل مع العالم الخارجي الظالم. وبعد تكرار الفشل ينتهي الأمر بالحكومات إلي تبني مواقف حنجرية متشددة وسياسات فعلية متساهلة مع البحث عن مظاهر للقوة تعوض بها عجزها الفعلي, في حين تستسلم الجماهير شيئا فشيئا' لقدرها' وتنتظر تغييرا خارجيا يعدل من' نصيبها': إدارة أمريكية جديدة تكون أكثر عدالة إزاء القضايا العربية, أو حكومة إسرائيلية جديدة تستجيب لنداءات السلام العادل, أو بطل مغوار ينتقم لنا من الاثنين.
ومع كل فشل خارجي جديد ستزداد حدة العداء لأمريكا. وسيصبح' ضرورة معالجة المظالم التاريخية العربية' حديثا معادا تلوكه ألسنة الدبلوماسيين العرب دون أن تبدي واشنطن استجابة فعلية له. لكن لا العداء لأمريكا ولا عدم اكتراثها بتصحيح أخطائها التاريخية سيهدد الوجود الأمريكي في المنطقة بشكل جذري. فالمصالح الأمريكية في هذه المنطقة غير مرشحة للتغير, ولا قدرة الولايات المتحدة علي حمايتها, ولا استعداد الدول العربية للتعاون معها- بما فيها الدول المتأسلمة. سيظل هناك دول عربية تري في التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة أمرا جوهريا لأمنها, وأخري تريد صداقة الولايات المتحدة مع الاحتفاظ بحقها في انتقادها من وقت لآخر, وأخري تتحدي السياسة الأمريكية دون أن تتمكن من تحويل أي نجاح تحققه في هذا المضمار إلي ظاهرة تعم الإقليم أو تغير موازين القوة فيه. باختصار, لن تختلف صورة العلاقات العربية الأمريكية عما كانت عليه منذ الخمسينات.
وبينما سيظل دور الاتحاد الأوربي في الحياة السياسية العربية هامشيا, إلا أن العلاقات العربية الأوربية ستصبح بؤرة توتر متزايد الحدة نتيجة تعمق الخلافات حول موضوعات الهوية والجاليات العربية في أوروبا, كما أن أوروبا ستكون هدفا أسهل للغضب العربي علي' الغرب' بصورة عامة( والولايات المتحدة بصورة خاصة). وستتكرر حوادث مشابهة لتلك التي رافقت موضوع الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية, أو تصريحات بابا الفاتيكان الحالي, أو مآذن سويسرا, وفي كل مرة ستزداد المواقف تصلبا, وتتسع الهوة أكثر. أما' حوار الثقافات والحضارات' فسيستمر في اجتذاب الكتاب الذين يعانون من الملل والمسئولين المتقاعدين, لكن دون فائدة أخري تستحق الذكر.
علي الصعيد الاقتصادي, من المتوقع نجاح بعض الجيوب الصغيرة في الإسهام في الاقتصاد العالمي في حين يتقلص النصيب العربي الاجمالي من هذا الاقتصاد ككل. فسيجد رجال الأعمال العرب الناجحين خانات في الاقتصاد العالمي يمكنهم التفوق فيها, مثل شبكات الاتصال وخدمات السياحة وتصدير الفاكهة والخضروات والزهور. وسيجنون من وراء ذلك أرباحا تسعدهم وتحسن المؤشرات الإجمالية للاقتصاد الوطني. أما ضحايا العولمة الاقتصادية فسيقتاتون علي الفتات ويجدون بعض العزاء في شبكات الاحسان والتضامن الاجتماعي. وفي حين أن زيادة المشاركة السياسية تفتح الباب أمام المطالبة بعدالة إجتماعية أكبر, إلا أن تحقيق ذلك ليس مضمونا, فهناك نظم سياسية ديمقراطية عاشت سنوات طويلة في ظل هوة متزايدة بين الأغنياء والفقراء.
أما الدول النفطية التي ستنضب آبارها فستشهد علي الأرجح نضوبا مماثلا في قوتها الاقتصادية. فمع توقف عائدات النفط عن ملء الخزانة العامة والتغطية علي سوء الإدارة والعيوب الهيكلية الأخري للاقتصاد الريعي, ستكتشف هذه الدول سريعا محدودية قدرتها علي المناورة بأسهمها في السوق العالمي. ومن خلال الأزمات الحقيقية والمفتعلة في الأسواق العالمية والإقليمية ستتبخر هذه الأسهم والممتلكات مثلما ولدت, وسيكون التأقلم علي الفقر صعبا علي هؤلاء الذين لم يعرفوا سوي الإنفاق بلا حدود. أما محاولات اللحظة الأخيرة للتحول الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي فلن يكتب لها النجاح, حيث يحتاج هذا الاندماج لبنية أساسية علمية ولثقافة تحترم العلم والتفكير النقدي, وكلا الأمرين غائب.
الصراعات والقيادة في المنطقة
من المستبعد أن يتم تسوية الصراع العربي الإسرائيلي خلال العقد القادم, ليس لأنه صراع غير قابل للحل ولكن لأن مزاج وتصرفات أطراف الصراع والقوي الخارجية تجعل التوصل لتسوية أمر مستبعد. وبما إن أطراف هذا الصراع لا يحبون الجمود ويلجأون للتصعيد عندما ينسد أفق التسوية بغض النظر عما يلحقه ذلك من دمار علي أنفسهم وعلي المنطقة, لذا لا يجب أن نفاجأ إذا وجدنا أن الصراع العربي الإسرائيلي لا يزال يشكل أحد الملامح الرئيسية للمنطقة في.2020
المفاجأة الحقيقية ستكون نجاح السلطة الفلسطينية في البقاء. فبعد رحيل أبومازن وما سيتلوه ذلك من محاولات الحرس القديم التمسك بأهداب السلطة, سيتولي الجيل الجديد من أبناء الداخل قيادة حركة فتح. وفي غياب أفق للتسوية السلمية مع إسرائيل ستتقلص الفوارق بين فتح وحماس وستتناوب الحركتان_ بالتوازي أو بالتوالي_ ممارسة سلطة منقوصة علي المناطق الفلسطينية التي ستنسحب منها إسرائيل. في أثناء ذلك تحكم إسرائيل قبضتها علي القدس والمناطق الفلسطينية الأقل كثافة سكانية. ومن وقت لآخر, تقع مواجهات بين العرب والإسرائيليين تجر المجتمع الدولي للتدخل والبحث عن تسوية, ثم لا تلبث هذه المحاولات أن تتجمد وتعود الأوضاع لسابق عهدها. وشيئا فشيئا يترسخ لدي الجميع قناعة باستحالة حل هذا الصراع, ويتعمق الشعور العربي بالظلم والاحباط.
من ناحية أخري, سيتزايد اعتماد دول الخليج علي المظلة الأمنية الأمريكية, خاصة في ضوء التطورات المتوقعة في كل من العراق وإيران. إذ سيؤدي تحييد البرنامج النووي الإيراني وتدمير بنيتها العسكرية والصناعية إلي غضب عربي عام ويعجل بأفول نجم' االمعتدلين' دون تقوية المتشددين بالضرورة. كما أن نظام العقوبات الذي سيتلو ذلك( والمشابه للعقوبات التي خضع لها العراق بعد تحرير الكويت) سيتكفل بإضعاف نفوذ إيران الإقليمي دون أن يقضي عليه تماما. ومن ثم ستسعي دول المنطقة إلي إغراق ما تبقي من النفوذ الإيراني في المستنقع الطائفي العراقي المنتظر استفحال توتراته بعد الانسحاب الأمريكي من العراق.
كذلك يتوقع استمرار أو تفاقم الصراعات المرتبطة بالأقليات سواء كانت طائفية أو عرقية, وذلك في البلدان ذات المجتمعات المتنوعة كالعراق والسودان واليمن ولبنان وسوريا والجزائر والمغرب والبحرين والسعودية. كما يمكن نشوب نزاعات حول الموارد المائية بين دول عربية وجاراتها.
ستسلط هذه الصراعات الضوء علي معضلة غياب القيادة داخل النظام العربي, لكن دون أن تؤدي بالضرورة لحلها. قد تحاول مصر تجديد سياستها الإقليمية وتجربة حظها مرة أخري في قيادة هذا النظام المعقد, لكنها ستكتشف عندئذ أن نجاحها مرهون بقدرتها علي اقتسام القيادة مع الآخرين, وهو الأمر الذي تكتنفه صعوبات جمة نتيجة رسوخ التنافس بين الدول العربية وغياب الثقة بين الكثيرين منها ومزايدات البعض علي البعض الآخر. وبالتالي ستظل الأحلاف الخارجية الخيار المفضل لأقطاب النظام العربي.
باختصار, لن يكون لدي العالم العربي مايقدمه للعالم في الاقتصاد أو الثقافة أو العلوم, بل سيكون إسهامه الرئيسي في مجال الصراعات. صحيح أن بعض العرب سيستمرون في التفوق وتقديم إسهامات ذات مستوي رفيع, ولكنها ستكون إسهامات فردية. أما المجتمعات العربية فستكون أجندتنا مثقلة بالإحباط والغضب أكثر من أي شيء آخر. وستكون أجندة الدول العربية مثقلة بالسعي لتفادي المسئولية عن الفشل والتغطية علي عجزها ومحاولة السيطرة علي الفارق بين خطابها وسياساتها الفعلية. بمعني آخر لن يختلف العالم العربي الآتي كثيرا عما كان عليه خلال العشر سنوات الماضية.
هل هناك بارقة أمل؟
من الواضح أني أفترض أن التيارات التي تجتاح العالم العربي اليوم ستستمر في قوتها وفي ترجيح كفة المستفيدين الحاليين منها. ولكن, مثلما تقول أغنية لينرد كون:' هناك شق في كل شيء; هكذا يدخل النور'. الشق الرئيسي في هذا السيناريو هو إمكانية قيام العناصر الأقل تشددا في معسكر' الإسلاميين' أو قادة الرأي العام الشعبويين بتوجيه أنصارهم الغاضبين بعيدا عن دعاوي الانتقام ونحو برنامج سياسي إيجابي وغير تصادمي يركز علي المستقبل لا الماضي. برنامج يعترف بمظالم الماضي التي نشكو منها جميعا, ولكنه يقوم علي أساس الاقتناع بأن مظالم الماضي لا يمكن محوها من التاريخ وإنما يجب تجاوز آلامها ومعالجة آثارها علما بأن هذه المعالجة ستكون جزئية علي أفضل تقدير. مثل هذا البرنامج العملي سيأخذ صف ضحايا الظلم التاريخي من أهلنا في فلسطين والعراق ودارفور; ليس من خلال اتباع يأس الضحية ورغبتها في الانتقام, وإنما بمنعها عن الأفعال اليائسة وإعادة الأمل إليها في حياة أفضل. مثل هذا البرنامج سيوجه غضب الجماهير نحو إعادة بناء القدرات العربية: ليس بهدف الانتقام من الغرب أو الشمال وإنما كي نبني لأنفسنا الحياة الكريمة التي نستحقها. هذا البرنامج سيفخر بالتراث الثقافي للعرب والمسلمين, لكنه سيري في هذا التراث جزءا من حضارة إنسانية رحبة ومتنوعة ومتجددة, وسيري التنوع في تراثنا الذي_ شأنه في ذلك شأن كل الثقافات- يضم ممارسات تخرج أفضل ما في نفوسنا وممارسات أخري يحسن تركها في الماضي الذي أوجدها.
مثلما قلت في البداية, التنبوء بالمستقبل السياسي مسألة غير مأمونة. فمن المستحيل معرفة ما إذا كان صانعوا الأحداث سيرون الشقوق ويحاولون توسيعها حتي يدخلون النور منها, أم سيغلقون عيونهم دون تفكير حين تعترضها أشعة الضوء المتقطعة هذه. شخصيا, لا أري حتي الآن ما يشير إلي أنهم يهتمون بهذا النوع من النور, ناهيك عن أن يبحثوا عنه بين الركام المحيط. ولكن أملي أن أكون علي خطأ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق